أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية من المواضيع المثيرة التي تلفت انتباه العلماء وصنّاع القرار حول العالم، خاصة مع تصاعد القلق بشأن مستقبل الغذاء. فقد أشار باحثون من جامعة ستانفورد الأمريكية إلى أن أنظمة الغذاء الحالية، رغم ما فيها من تطور، قد لا تكون كافية لتلبية احتياجات سكان الأرض الذين سيصل عددهم في المستقبل إلى نحو 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.
ويرى هؤلاء الباحثون أن الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية يمكن أن يقدِّم حلولًا مبتكرة، ويوفّر الوقت والمال، ويساعد في إنتاج بدائل غذائية مستدامَة. لكنه في نفس الوقت ليس بديلاً عن الخبرة البشرية أو التذوق الحسي، بل هو أداة مساعدة يمكن أن تسرّع خطوات التطوير وتحسّن جودته. ورغم كل هذه الآمال، يحذر الباحثون من التفاؤل الزائد، فليس كل ما يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله حلاً نهائيًا، لكنه بلا شك شريك فعال في معالجة التحديات الغذائية المعقدة التي نواجهها.
هل يستطيع الذكاء الاصطناعي إنقاذ العالم من الجوع؟
مع تطور الطب الحديث، انخفضت نسب الوفاة وازداد عدد السكان بشكل كبير، مما وضع ضغطًا هائلًا على أنظمة الغذاء التقليدية. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 733 مليون شخص حول العالم يعانون الآن من الجوع، فيما يموت نحو 9 ملايين سنويًا لأسباب مرتبطة به.
المشكلة لا تقتصر فقط على قلة الغذاء، بل على طريقة إنتاجه أيضًا. فالاعتماد على تربية الحيوانات مثلًا يؤدي إلى مشاكل بيئية كبيرة، مثل الاحتباس الحراري وتدمير الغابات واستهلاك المياه. ولهذا السبب، تتجه الأنظار نحو الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية لتقديم حلول بديلة أكثر استدامة. يعتقد الخبراء أن الوقت قد حان لإعادة التفكير بنموذج الغذاء العالمي، وأنّ تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يساهم في إحداث تغيير جذري وإيجابي.
دخول الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية الصحية
في مجال الغذاء، تستغرق عمليات التطوير التقليدية وقتًا طويلًا، وتحتاج إلى الكثير من التجربة والخطأ، مما يجعلها مكلفة وغير فعالة لأن تطوير منتج غذائي جديد يتطلب دمج معلومات من مجالات متعددة، مثل علوم التغذية، والطبخ، وسلوك المستهلكين، وهندسة الانتاج.
لكن هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية، والذي يتميز بقدرته على تحليل كميات ضخمة من البيانات في وقت قصير. يمكنه تحديد المكونات الأنسب، واقتراح خلطات جديدة، وتحسين النكهات والملمس. كما أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنه حتى ابتكار وصفات جديدة انطلاقًا من أوامر نصية بسيطة. أما الذكاء الاصطناعي التقليدي، فيُستخدم حاليًا لتطوير وتحسين المنتجات الغذائية الموجودة، والتقليل من الهدر وتحسين الكفاءة، وهي خطوات مهمة نحو الاستدامة.
عقبات في طريق الذكاء الاصطناعي
ورغم ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية، فهناك تحديات تعترض طريقه، أهمها هو نقص البيانات المتعلقة بالنكهة والملمس والشكل، وهي أمور يصعب على الحواسيب فهمها مثلما يفهمها البشر. كما أن بعض البيانات المهمة تكون مملوكة لشركات خاصة، ما يعوق الوصول إليها.
اقرأ أيضًا...
لكن التفاؤل ما يزال موجودًا، خاصة مع تنامي التعاون بين خبراء الأغذية وعلماء البيانات. وبدأت بالفعل نماذج متطورة بالظهور، مثل نموذج “ChefFusion”، الذي يستطيع الجمع بين مصادر بيانات متعددة لإنشاء وصفات فريدة.
وفي الوقت نفسه، يجب عدم المبالغة بقدرة الذكاء الاصطناعي، لأن هناك مشكلات تتعلق بشفافية البيانات، وصعوبة تحليل العالم الحقيقي، والحاجة إلى طاقة حوسبة عالية، ولهذا فإن العنصر البشري –بخبرته وثقافته وإبداعه– لا يمكن الاستغناء عنه.
خلاصة من موقع صحتك
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، ستزداد فرصنا في بناء أنظمة غذائية صحية ومستدامة. ويمكن القول إن الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية قد يصبح أحد الركائز الأساسية لسد احتياجات البشرية من الغذاء في المستقبل، كما حدد الباحثون ثمانية مجالات رئيسية يمكن أن يُحدث فيها الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية تحولًا كبيرًا:
- التنبؤ بهياكل البروتينات وتطويرها لتقليد اللحوم.
- اكتشاف تركيبات جديدة للمكونات.
- تسريع اختبارات التذوق وتفضيلات المستهلك.
- استبدال المواد الحافظة الضارة ببدائل صحية.
- التنبؤ بالملمس والشكل بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي.
- تحسين النكهات باستخدام تقنيات متقدمة.
- إنتاج وصفات جديدة عبر أوامر نصية.
- تطوير نماذج أساسية متخصصة في الأغذية.
المصدر :- صحتك | الصفحة الرئيسية