في ظل الأحداث الراهنة في غزة وما تشهده من أزمات متصاعدة، يتعرض الأطفال إلى مخاطر صحية جسيمة تتجاوز الجراح والإصابات المباشرة. من بين هذه المخاطر الصحية، تظهر الحمى الشوكية أو ما يعرف طبياً بالتهاب السحايا كتهديدٍ قاتل ومتزايد بسبب الظروف الإنسانية الصعبة ونقص النظافة وانعدام الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة.
الحمى الشوكية مرض مُعدٍ يصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي، ويصيب الأطفال بشكل خاص بسبب ضعف مناعتهم وحساسيتهم للأمراض المُعدية. في مناطق النزاع، مثل غزة، حيث يعاني السكان من ازدحام في الملاجئ ونقص في المياه النظيفة، تزداد احتمالية انتقال العدوى بشكل كبير، مما يجعل الأطفال عرضة للإصابة بمرض قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة إذا لم يتم التعامل معه بسرعة وفعالية.
ما الحمى الشوكية (التهاب السحايا)؟
الحمى الشوكية هي التهاب يصيب الأغشية التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي، والتي تعرف بالسحايا. قد يكون سبب هذا الالتهاب فيروسيًا، أو بكتيريًا، أو في حالات أقل شيوعًا قد يكون فطريًا. تُعتبر العدوى البكتيرية الأخطر وتتطلب علاجًا فوريًا بالمضادات الحيوية، أما الفيروسية فعادة ما تكون أقل حدة.
أسباب الحمى الشوكية
تحدث الحمى الشوكية عندما تدخل الجراثيم إلى السائل الدماغي الشوكي الذي يحيط بالدماغ والحبل الشوكي، وقد تكون هذه الجراثيم:
-
بكتيريا مثل: المكورات السحائية، أو المستديمة النزلية، أو المكورات الرئوية.
-
فيروسات، منها الفيروسات المسببة لنزلات البرد والإنفلونزا.
-
فطريات في حالات نادرة، خصوصًا لدى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
-
أسباب أخرى مثل بعض الأدوية أو الأمراض الالتهابية.
أعراض وعلامات الحمى الشوكية
تختلف الأعراض حسب العمر ونوع الالتهاب، لكن من العلامات الشائعة:
-
ارتفاع شديد في درجة الحرارة.
-
صداع حاد ومستمر.
-
تيبس الرقبة وصعوبة في تحريكها.
-
غثيان وقيء.
-
حساسية الضوء والصوت.
-
تعب عام وضعف.
-
تغيرات في الوعي أو الارتباك.
-
عند الأطفال الصغار، قد تظهَر الأعراض بصعوبة في التنفس أو تغذية ضعيفة، والبكاء المستمر.
اقرأ أيضًا...
طرق علاج الحمى الشوكية
-
تتطلب الحمى الشوكية البكتيرية علاجًا سريعًا بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد، مع أدوية داعمة أخرى حسب الحالة.
-
الحمى الشوكية الفيروسية عادة ما تُعالج بالراحة والسوائل ومراقبة الحالة، إذ أنها لا تستجيب للمضادات الحيوية.
-
في بعض الحالات، قد يُعطى المريض أدوية مضادة للالتهاب لتقليل التورم في الدماغ.
-
يجب علاج هذا المرض في المستشفيات تحت إشراف طبي دقيق لتجنب مضاعفاته الخطيرة.
الوقاية من الحمى الشوكية في ظروف غزة الصعبة
-
تعزيز النظافة الشخصية بأبسط الوسائل، مثل غسل اليدين بالماء والصابون قدر الإمكان، أو حتى بالماء فقط عند نقص الصابون، وتجنب لمس الوجه خاصة الأنف والفم باليدين غير النظيفة، واستخدام معقِّمات اليدين عند توفّرها.
-
تقليل الازدحام والتجمعات قدر الإمكان، ومحاولة الفصل بين الأفراد المصابين بأعراض تنفسية أو حمى، وفتح نوافذ للتهوية الجيدة داخل الملاجئ والأماكن المكتظة.
-
مراقبة الأعراض مبكرًا، والانتباه لأي علامات مثل: حرارة مرتفعة، أو صداع، أو تيبس رقبة، أو تغير في سلوك الطفل، والبحث عن المساعدة الطبية فورًا.
-
توفير بيئة نظيفة قدر الإمكان، وتنظيف أماكن النوم والأدوات المشتركة بالماء والصابون، وتجنب مشاركة أدوات الطعام والشراب.
-
استخدام وسائل الحماية البسيطة: ارتداء الكمامات عند توفرها، خصوصًا حول المرضى والمصابين.
-
تشكيل مجموعات صغيرة لمراقبة صحة الأطفال وتوجيه الحالات إلى المراكز الطبية أو الفرق الطبية المتوفرة.
-
تقديم السوائل والتغذية الجيدة للأطفال، والحرص على ترطيب الأطفال وتعويض السوائل في حالات الحمى أو القيء، حتى بالوسائل المنزلية البسيطة.
-
التواصل مع الجهات المحلية للحصول على أدوية ومستلزمات طبية عاجلة.
هل يمكن علاج الحمى الشوكية في المنزل؟
- تحتاج الحمى الشوكية البكتيرية لعلاج طبي عاجل بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد داخل المستشفى، لأن المرض يتطور بسرعة وقد يسبب مضاعفات خطيرة مثل تلف الدماغ أو الوفاة.
- الحمى الشوكية الفيروسية قد تتحسن أحيانًا بالعناية المنزلية مثل الراحة والسوائل، لكنها تحتاج أيضًا لتقييم طبي للتأكد من التشخيص وسلامة الحالة.
- لذلك، الخطوة الأولى والأهم عند الشك بالإصابة هي طلب المساعدة الطبية فورًا.
هل توجد أعشاب أو علاجات طبيعية تساعد؟
حتى الآن لا توجد أدلة علمية كافية تدعم أن الأعشاب أو العلاجات المنزلية يمكنها علاج الحمى الشوكية. لكنها قد تساعد كجزء من دعم عام مثل:
- شرب السوائل الدافئة لترطيب الجسم.
- الراحة التامة لتقليل الضغط على الجسم.
- استخدام بعض الأعشاب المهدئة للشعور بالراحة مثل النعناع أو البابونج، لكن فقط كوسائل مساعدة وليس علاجًا رئيسيًا.
توصية مهمة لأهل غزة
في حالة ظهور أعراض الحمى الشوكية، لا تعتمدوا على العلاج المنزلي فقط. قد تنقذ سرعة الوصول للرعاية الطبية حياة طفلكم. حتى في ظروف صعبة مثل غزة، حاولوا الوصول إلى أقرب مركز صحي أو فريق طبي للمساعدة.
المصدر :- صحتك | الصفحة الرئيسية