الصحة العامة

ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد فما الأسباب؟

ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد فما الأسباب؟

ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد فما هي الأسباب؟

 عززت المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة الوعي والتقبل لمرض التوحد، فقد أبلغ المستخدمون عن تجاربهم الخاصة في تلقي التشخيص والتعايش مع هذه الحالة العصبية المتطورة، ولكن أثيرت بعض الضجة حول هذا الموضوع تُغذيها مناقشات حول الارتفاع الواضح في تشخيص التوحد في الولايات المتحدة. صرح وزير الصحة الفيدرالي الأمريكي روبرت ف. كينيدي جونيور مؤخرًا ببعض الادعاءات عن هذا الارتفاع الواضح، ويبدو أن هذه الادعاءات تشير إلى أن التوحد أصبح حالة طوارئ صحية عامة في الولايات المتحدة. فما الذي ادعاه وزير الصحة الفيدرالي بالضبط، وكيف تتوافق هذه الادعاءات مع الأدلة العلمية الموجودة، وهل ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد حقيقي؟

ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد .. هل أصبح “وباءً”؟

في مؤتمر صحفي عُقد في 16 أبريل 2025، استنادًا إلى تقرير جديد صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا حول انتشار التوحد لدى الأطفال، وصَف وزير الصحة الفيدرالي روبرت ف. كينيدي جونيور مرض التوحد بأنه “وباء”، وقال إن الحالة “تزداد انتشارًا بمعدل ينذر بالخطر“.

وفقًا للتقرير الجديد لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن طفلًا واحدًا من بين كل 36 طفلًا في الولايات المتحدة مصاب بالتوحد، مقارنةً بما يقدر بواحد من كل 44 طفلًا في عام 2021، ولكن ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد ربما يرجع في المقام الأول إلى تحسن الوعي وتوسيع معايير التشخيص وتطبيق ممارسات الفحص المحسنة، وليس إلى زيادة حقيقية في معدل انتشار الحالة، أي أن الأدوات والخبرات والمعلومات المتوفرة الآن تمكّن الخبراء من تشخيص التوحد بوتيرة أعلى، ولا يعني ذلك بالضرورة أن التوحد ينتشر بشكل أوسع. بحسب الخبراء؛ فإن هذه التغييرات أدت إلى تشخيص حالات مزيد من الأفراد، خاصة أولئك الذين يعانون من أعراض أكثر اعتدالاً، بإصابتهم بمرض بالتوحد.

عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع معدلات تشخيص التوحد

هناك عوامل أخرى ربما ساهمت في ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد أو زادت نسب تشخيص هذا المرض، من هذه العوامل:

الفحص المحسَّن والتشخيص المبكر

بدأت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال منذ عام 2006 توصي بإجراء فحص روتيني للتوحد في عمر 18 و24 شهراً، وأدى هذا النهج الاستباقي إلى التشخيص المبكر لدى الأطفال المصابين بالتوحد، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من أعراض أقل وضوحًا، وبالتالي زيادة عدد الحالات المكتشَفة.

زيادة الوعي حول طيف التوحد

يرى الخبراء أن زيادة الوعي بين الآباء والأمهات والمعلمين وفرق الرعاية الصحية قد أدت إلى تقييم المزيد من الأطفال وتشخيصهم، ويتجلى ذلك بشكل خاص في المجموعات التي لم يتم تشخيصها بشكل كافٍ من قَبل، مثل الإناث والأقليات العِرقية، الذين أصبحوا الآن أكثر عرضة للتشخيص وتلقي الخدمات المناسبة. وبعبارة أخرى، فإن المجموعات المهمَّشة، والإناث، والذين كانوا في السابق أقل عرضة للنظر في تشخيص التوحد، يواجهون الآن عقبات أقل في الوصول إلى تقييم النمو العصبي لديهم.

استبدال التشخيص

في الماضي كان تشخيص الأطفال الذين يعانون من مشاكل نمو معتدلة هو إصابتهم بالإعاقات الذهنية أو اضطرابات التعلم، ولكن مع تطور فهم التوحد، يتم الآن تشخيص العديد من هؤلاء الأطفال باضطراب طيف التوحد، وهي ظاهرة تُعرف باسم استبدال التشخيص.

هل العوامل البيئية أهم من العوامل الوراثية للإصابة بالتوحد؟

أشار كينيدي في البيان الصحفي إلى أن سبب التوحد لا بد أن يكون التعرض للسموم من البيئة المحيطة، وقلل أيضًا من دور الوراثة في تطور هذه الحالة، ولكن بحسب الخبراء فإن العوامل الوراثية تلعب دورًا مهمًا في التوحد، فقد أظهرت العديد من الدراسات الكبيرة أن التوحد في كثير من الحالات يبدو متوارثًا في العائلات.

على سبيل المثال، أشار تحليل لسبع دراسات توأمية نُشرت في مجلة علم نفس الطفل والطب النفسي في ديسمبر 2015، إلى أن العوامل الوراثية هي أكبر عوامل الخطر للإصابة بالتوحد. وفي الآونة الأخيرة، وجَدت دراسة نُشرت في مجلة الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين في سبتمبر 2019 أنه في العائلات التي يوجد فيها طفل مصاب بالتوحد، من المرجح أن يكون هناك شقيق آخر مصاب بهذا المرض.

لا يعني هذا بالطبع أن العوامل البيئية ليس لها علاقة، فهناك دراسات تشير إلى أن التأثيرات البيئية أثناء الحمل والطفولة المبكرة قد تساهم أيضًا في زيادة خطر الإصابة، وهناك عوامل أخرى أيضاً مثل عمر الوالدين، والتعرض لبعض المواد الكيميائية، والمضاعفات أثناء الولادة.

 

الأسئلة الشائعة

لماذا تزداد معدلات تشخيص التوحد؟

ترجع الزيادة في تشخيص مرض التوحد في المقام الأول إلى تحسن الوعي وتوسيع معايير التشخيص وتحسين ممارسات الفحص، وليس إلى ارتفاع حقيقي في حالات التوحد. يمكن للخبراء الآن تشخيص مرض التوحد لدى الأفراد الذين ربما تم تجاهلهم في الماضي، وخاصة أولئك الذين يعانون من أعراض أكثر اعتدالاً.

هل يعتبر انتشار التوحد حالة طوارئ صحية عامة؟

في حين أن بعض الشخصيات العامة وصَفت التوحد بأنه مصدر قلق متزايد، تشير الأدلة العلمية الحالية إلى أن الارتفاع في التشخيص يعكس التقدم في الكشف وليس “وباء” حقيقياً. يحذر معظم الخبراء من القلق والهلع حول هذا الموضوع، مؤكدين على دور أدوات التشخيص الأفضل وزيادة الوعي الاجتماعي.

ما الذي يسبب التوحد: الوراثة أم البيئة؟

تلعب الوراثة دورًا مهمًا في تطور التوحد، وقد أظهرت الأبحاث أن التوحد غالبًا ما يكون وراثيًا في العائلة، خاصة بين الأشقاء، وعلى الرغم من أن العوامل البيئية خلال فترة الحمل والطفولة المبكرة قد تؤثّر على خطر الإصابة بالتوحد، فإن العامل الوراثي هو الأهم على ما يبدو، ولهذا يوصي الخبراء بالتركيز على الاكتشاف المبكر والدعم بدلاً من التكهنات حول المحفزات الخارجية.

نصيحة من موقع صحتك

قد يشعر البعض بأن ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد ينذر بالخطر، ولكن كما ذكرناً؛ فإن تشخيص الحالة هو الذي يزداد وليس حقاً ارتفاع عدد المصابين به، ويرجع ازدياد التشخيص إلى أسباب على الأرجح تعود إلى التحسينات التي طرأت على معايير التشخيص، وزيادة الوعي بالأعراض المعقدة للتوحد بين المهنيين الطبيين، وغيرها من العوامل  كما ذكرنا. وفي حين أن بعض العوامل البيئية قد تلعب دورًا في التوحد، كما هو الحال في معظم جوانب الصحة والنمو، فلا يوجد دليل في الوقت الحالي على أنها تمثل المحرك الرئيسي في حدوث مرض التوحد، ويعني هذا أنه لا ضرورة للهلع والشعور بالخوف والقلق من ارتفاع معدلات الإصابة بطيف التوحد ، فلا دليل على ذلك.

المصدر :- صحتك | الصفحة الرئيسية

Previous post
هل يمكن أن تصبح شاربًا “طبيعيًا” مرة أخرى؟
Next post
تكشف الخلايا الجذعية المعتمدة من كريسبر عن أسباب خفية للتوحد

اترك تعليقاً